كلية دار العلوم
قسم النحو والصرف والعروض
الْكَافِي
في
الإِمْلاءِ وَالتّرْقِيم
تأليف
الدكتور جمال عبد العزيز أحمد
كلية دار العلوم – جامعة القاهرة
معهد العلوم الشرعية – سلطنة عُمان
1423هـ - 2003م
ـــــــ
الحمد لله الذي أنزل على عبده الكتاب ، تبصرة وذكرى لأولي الألباب ، والصلاة والسلام على سيدنا محمد سيد المرسلين وإمام المتقين وعلى آله وصحبه أجمعين ..أما بعد ،،،
فهذا كتاب يقوم على شرح قضايا تتصل بالكتابة والإملاء ، وهي من غير شك من متطلبات العمل العلمي ومن مقتضيات البحث الأكاديمي ؛ حيث يفتقر إليها وإلى الإلمام بمسائلها الدارسون والباحثون غير المتخصصين في اللغة العربية ، والذين يكتبون بحوثهم بها ، وكذلك المهتمون بالصحافة والمحامون وكتاب العدل وكل من لهم صلة بالكتابة .
وقد اقتضت طبيعة البحث في هذا الموضوع أن أتناول القضايا الآتية :
• كتابة الهمزة في أول السطر (ألف الوصل وهمزة القطع) .
• كتابة الهمزة متوسطة .
• كتابة الهمزة متطرفة .
• مواضع كسر همزة "إن" وجوبا .
• مواضع فتح همزة "إن" وجوبا .
• مواضع جواز الأمرين في الهمزة .
• الحروف التي تزاد في الكتابة .
• الحروف التي تحذف في الكتابة .
• الكلمات التي يجب أن توصل ببعضها .
• الكلمات التي يجب أن تفصل من بعضها .
• باب العدد من حيث :
(التذكير والتأنيث- تمييز العدد- إعراب العدد وبناؤه- كتابة العدد بأحرف عربية- تعريف العدد- كنايات العدد- مسائل متفرعة على باب العدد) .
• الألف اللينة في الأفعال والأسماء .
• التاء المربوطة والتاء المبسوطة .
• دراسة تطبيقية على الأخطاء الإملائية التي تشيع في مكاتبات كتاب العدل .
• علامات الترقيم ومواضعها .
• تدريبات .
وقد راعيت في هذا الكتاب سهولة العرض ، ويسر العبارة ، ووضوح الأسلوب ، وكثرة الأمثلة التي تعين على فهم القاعدة ، وتنوع الأسئلة وشمولها لموضوعات الكتاب من خلال نصوص لغوية ، وبعدت عن الآراء المتشعبة والخلافات المتعددة التي تشتت عقلية الدارس وتبعد عن الغرض الذي رمى إليه المؤلَّف ، واللهَ أسأل أن يجعل الفائدة على قدر شرف القصد وحسن الغاية ، {إِن أُرِيدُ إِلاَّ الإِصْلاَحَ مَا اسْتَطَعْتُ، وَمَا تَوْفِيقِيَ إِلاَّ بِاللَّهِ}.(هود 88).
المؤلف
الإملاء والترقيم
تعريف الإملاء والترقيم والهدف من تدريسهما:
*الإملاء: هو ذلك العلم الذي يعنى بالقواعد الاصطلاحية التي بمعرفتها يحفظ قلم الكاتب من الزيادة والنقصان، ويهتم بأمور محددة: (منها كيفية كتابة الهمزة في أول الكلمة ووسطها وآخرها)، وكذا الألف اللينة، ويفرق بين (التاء المربوطة والمبسوطة) كما يهتم بالأحرف التي تزاد والتي تحذف من الألفاظ، والتنوين وأنواع اللام إلى غير ذلك من أمور ترقى بمستوى الكاتب إلى الصحة اللغوية المنشودة بحيث تخلو كتابته من الأخطاء الإملائية التي تشيع في كتابات الدارسين والمثقفين.
*وقديما قام علماء الكوفة والبصرة بوضع قواعد الخط القياسي، وهو(الخط الذي جرى على العادة المعروفة وهو الذي يتكلم عليه النحوي"ويسمى الرسم الإملائي" وهو مستمد من رسم المصحف، ومن علمي النحو والصرف).
*أهداف تدريس الإملاء: ولهذا الفن من العلوم أهمية خاصة في اللغة العربية؛ وذلك لما يترتب عليه من تغيير في صورة الكلمة، الذي يؤدي بدوره إلى تغيير في معناها، ولعل من أهدافه:
1- أن يتمكن الدارس من رسم الحروف والألفاظ بشكل واضح ومقروء، بمعنى أن ينمي المهارة الكتابية عنده.
2- أن يكون لديه القدرة على تمييز الحروف المتشابهة رسماً بعضها من بعض، بحيث لا يقع القارئ للمادة المكتوبة في اللبس بسبب ذلك، وهذا الأمر يتطلب إعطاء كل حرف من هذه الحروف حقه من الوضوح، فلا يهمل سن الصاد والضاد مثلاً أو يرسم الدال راء أو الفاء قافًا، كما لا بد من وضع النقاط على الحروف في مواضعها الصحيحة .
3- أن يكون قادرًا على كتابة المفردات اللغوية التي يستدعيها في أثناء تعبيره الكتابي، ليتاح له الاتصال بالآخرين من خلال الكتابة السليمة الصحيحة لغويًا.
4- أن يتحقق التكامل في دراسته اللغوية بحيث يخدم الإملاء فروع اللغة الأخرى.
5- أن يتحسن أسلوبه الكتابي وتنمى ثروته اللغوية بما يكتسبه من المفردات والأنماط اللغوية من خلال نصوص الإملاء التي تدخل في إطار التطبيق.
6- تنمية دقة الملاحظة والانتباه سواء في الكتابة أو النطق وكذلك عند الاستماع.
*الترقيم: علامات الترقيم أو الوقف هي مجموعة من الرموز والعلامات التي تعد جزءا أساسيا من الكتابة، حيث تساعد على بيان العلاقات المنطقية بين أجزاء الجملة من ناحية، وبين الجمل وبعضها بعضا من ناحية أخرى، إذ تقوم بدور المحطات في قراءة النص، فتسهل قراءته وفهمه، كما تؤدي من خلال دورها البارز في الإسهام في ترتيب الأفكار ومنع اختلاطها وتزاحمها، ولا شك أن الترقيم يعد لغة داخل اللغة؛ لأنه يعوض إلى حد ما غياب انفعالات الكاتب الصوتية والحركية والتعبيرية، وكأن الكاتب يصطحب القارئ شعوريا، فيعلم عند وصفه علامة الاستفهام أنه يستفهم، وعلامة التعجب أنه يتعجب، والاستفهام التعجبي أنه لا يتساءل، وإنما يستفهم متعجبا، وهكذا.
وتتصل علامات الوقف والترقيم بالرسم الإملائي اتصالا مباشرا فكلاهما عنصر من عناصر التعبير الكتابي، وكما يختلف المعنى باختلاف رسم الحروف إملائيا في الكلمة فإن المعنى يختلف أيضا إذا أسيء استخدام هذه الرموز بين الجمل وأبعاضها، فهي توضع بين أجزاء الكلمات أو الكلام المكتوب لضبط معانيه، أو لتحديد نبرة لهجته عند قراءته جهرا، لاحظ هاتين العبارتين :
ولكن عليا قال : أخي لا يمكن أن يكذب (القائل علي)
ولكن عليا- قال أخي- لا يمكن أن يكذب (القائل أخي)
والذي بين الفاعل هنا هو استعمال علامات الترقيم، التي تكاد تخلو منها كتابات الدارسين وطلاب العلم اليوم.
وإليك دروس الإملاء :
الدرس الأول:
كتابة الهمزة في أول الكلمة
(همزة الوصل وهمزة القطع)
أوّلا: همزة الوصل :
(معناها – مواضعها – ضبطها – تدريبات وتنبيهات) :
معناها : هي تلك الألف التي يؤتى بها في بداية الكلام للتخلص من البدء بالساكن (لأنه لا يبدأ في اللغة العربية بالساكن ولا يوقف على المتحرك) ولا ترسم فوقها ولا تحتها الهمزة، وإنما توضع صاد صغيرة فوق الألف أو تحتها، ولا تنطق في درج الكلام وأثنائه نحو :{أَنِ اضْرِبْ بِعَصَاكَ البَحْرَ}.(الشعراء63)، ما اسمك ؟، عندي اثنا عشر كتابا .
مواضعها: تدخل الحروف والأفعال والأسماء على الصورة الآتية:
أ) في الحروف: "ال" التي للتعريف، فإن همزتها همزة وصل لا قطع، تنطق في ابتداء الكلام وتسقط في وسطه نحو :{لَخَلقُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ أَكْبَرُ مِن خَلْقِ النَّاسِ}(غافر 57)./ الدراسة اللغوية ممتعة/ النية محلها القلب.
ب) في الأفعال:
- أمر الثلاثي نحو: اجلس، ادع، اعزُ، ارم، اضرب.
- ماضي وأمر الخماسي والسداسي نحو: انطلقْ، انطلقَ، استقبلْ، استقبلَ.
ج) في الأسماء: الأسماء العشرة وهي: ابن، ابنة، ابنم، اثنان، اثنتان، امرؤ، امرأة، اسم، است، ايم الله (ايمن الله).
د) تضم كذلك في آخر الخماسي والسداسي المبني للمجهول مثل: اعْتُدِيَ علينا فرددنا الأعداء، اسْتُشيرَالصديق الوفي فأخلص النصح، {وَمَثَلُ كَلِمَةٍ خَبِيثَةٍ كَشَجَرَةٍ خَبِيثَةٍ اجْتُثَّتْ مِن فَوْقِ الأَرْضِ}.(إبراهيم 26)، اسْتُقْبِلَ الضيف.
ملحوظات حول همزة الوصل:
1- إذا جاء قبل همزة الوصل كلمة تنتهي بسكون كسرنا آخر الكلمة منعًا من التقاء الساكنين نحو:{إِذْ قَالَتِ امْرَأَةُ عِمْرَانَ...}(آل عمران35)،{وَإِذْ قَالَتِ المَلاَئِكَةُ...}(آل عمران42)، حضرت الأخت، قل الحق ولو على نفسك، قد استبشر القوم بقدومك.
2-إذا جاء قبل الوصل أحد الضمائر ضُم آخر الضمير نحو:{وَأُولَئِكَ هُمُ المُفْلِحُونَ}(البقرة 5)،{أَلاَ إِنَّهُم هُمُ المُفْسِدُونَ}(البقرة 12)، أنتمُ الفائزون، قرأت كتابكم المرسل.
3-همزة الوصل تسقط نطقا لا كتابة مع سائر الحروف إلا اللام نحو:قالت الوالدة، قال الأب.
أما مع اللام فلا تنطق ولا تكتب نحو:{لِلَّهِ مُلكُ السَّمَوَاتِ وَالأَرضِ}.(المائدة120)، للمعهد عليّ حقوق، للكبير عندي منزلة واحترام، للّبن فوائد جمة، للّغة العربية أهمية بالغة.
4-تحذف كذلك لفظا وكتابة من كلمة"اسم" في البسملة نحو: ، وذلك بشروط تأتي في حينها.
5-وتحذف إذا كانت مكسورة وجاء قبلها همزة الاستفهام نحو:أَشتريتَ الكتاب؟، أَستغفرتَ ربَّك اليوم؟
أما إذا كانت الهمزة(همزة الوصل مفتوحة) فإنها تقلب ألفا في اللفظ عند النطق بها، وتكتب هي وهمزة الاستفهام(ألفا) على مدّة هكذا(آ):
آلجبلُ عالٍ؟ (أصلها (أ) + الجبل) (أالجبل عالٍ؟)= آلجبل عالٍ؟
*ضبطها:
أ) تفتح مع "ال" في ابتداء الكلام نحو : (الله أكبر، الدنيا ساعة فاجعلها طاعة، الشهر الحرام بالشهر الحرام) .
ب) في أمر الثلاثي مضموم العين تُضَمّ نحوأدع أدخل، أخرج) ولكنها تكسر إذا كان مكسور العين أو مفتوحها مثل:{اِضْرِب بِّعَصَاكَ البَحرَ}(الشعراء 63)، اجلس حيث ينتهي بك المجلس، {اقْضِ مَا أَنتَ قَاضٍ}(طه 72)، {اِفتَح بَيْنَنَا وَبَيْنَ قَوْمِنَا بِالحَقِّ}، اطعم، اقرأ.
اُ ← عُ اِ ← عَ
أي إذا كان الحرف الثالث في المضارع مضموما ضمت ألف الوصل ، وإذا كان مفتوحا أو مكسوراً انكسرت ألف الوصل .
ومن ثم فلا تفتح ألف الوصل في الفعل الأمر من الثلاثي (بل هي بين ضم وكسر) .
ج) وتكسر في ماضي وأمر الخماسي والسداسي مثل : {انطَلِقُوا إِلَى ظِلٍّ ذِي ثَلاَثِ شُعَبٍ}(المرسلات 30)، {اسْتَغْفِر لَهُم أَو لاَ تَستَغْفِر لَهُم}(التوبة 80)، {وَانطَلَقَ المَلأُ مِنهُم}(ص 6)، اجتمع القوم، اصطلح الخصمان، استقبلت أخي .