أَأَخَافُ صَرْفَ الدَّهْـرِ أَمْ حَدَثَانِـهِ
وَالدَّهْرُ لِلْمَنْصـورِ بَعْـضُ عَبِيـدِهِ
مَـلِكٌ نَـدَاهُ فَكَّنِـي وَانْتَـاشَنِـي
مِنْ مِخْلَبيْـهِ وَمِـنْ أَسَـارِ قُيُـودِهِ
مَلِكٌ إِذَا حَدَّثْـتَ عَـنْ إِحْسَانِـهِ
حَدَّثْتَ عَنْ مُبْدِي النَّـدَى ومُعِيـدِهِ
سَـادَ المُلُـوكَ بِفَضْلِـهِ وَبِنَفْسِـهِ
وَالغُـرَّ مِـنْ آبـائِـهِ وَجُـدُودِهِ
وَإذا تَـرَنَّمَـتِ الـرُّواةُ بِمَدْحِـهِ
وَثَنائِهِ اهْتَـزَّتْ مَعَاطِـفُ جُـودِهِ
لأَبِـي المَعَـالِـي رَاحَـةٌ وَكَّافَـةٌ
كَالغَيْـثِ يَـوْمَ برُوقِـهِ وَرُعُـودِهِ
صَـبٌّ بِتَحْصِيـلِ الثَّنَـاءِ وَجَمْعِـهِ
كَلِـفٌ بِبَـذْلِ المـالِ أَوْ تَبْديـدِهِ
مـا زَالَ يَشْمُـلُ حَاسِديـهِ نَوالُـهُ
حَتَّى أَقـرَّ بِـهِ لِسـانُ حَسْـودِهِ
سَلْ عَفْوَهُ وحُسَامُـهُ فِـي غِمْـدِهِ
وحَذَارِ ثُمَّ حَـذَارِ مِـنْ تَجْرِيـدِهِ
يَغْشَـى الوَغَـى مُتَلفِّعـاً بِرِدَائِـهِ
وَيَخُـوضُهَـا مُتَسَرْبِـلاً بِحَدِيـدِهِ
فَتَرى الشُّجَاعَ يَفِـرُّ مِنْـهُ مَهابـةً
وَالـمَوْتُ بَيْـنَ لُهَاتِـهِ وَوَريـدِهِ
يَتَقَهْقَـرُ الجَيْـشُ اللهـامُ مَخَافَـةً
مِنْـهُ إِذَا وَافَـى أَمـامَ جُـنُـودِهِ
وَتعـودُ مُخْفَقـةَ الرَّجَـاءِ عِدَاتُـهُ
وقُلـوبُهَـا خَـفَّـاقـةٌ كَبنُـودِهِ
فِي مَعْرَكٍ إِنْ كُسِّـرت فيـهِ القَنـا
وَصَلَ الحُسَـامُ رُكُوعَـهُ بِسُجـودِهِ
جَـارَى الغَمَـامَ فَفاتَـهُ بِنَـوالِـهِ
كَرمـاً وَفـاقَ كَثيـرَهُ بِـزَهيـدِهِ
وَالـدِّيـنُ أَثَّلَـهُ وَشَـادَ مَـنـارَهُ
حِينَ اعْتَنَـى بِحُقُوقِـهِ وَحُـدُودِهِ
وَالمُلْكُ لَـمْ يَنْفَـكّ يُعْمِـلُ عَزْمَـهُ
فِي نَصْرِ ظَاهِـرِهِ ونُصْـحِ سَعِيـدِهِ
إِنَّ المَنَـايَـا وَالأَمانِـي لَـمْ تَـزَلْ
طَوْعـاً لِسابِـقِ وَعْـدِهِ وَوَعِيـدِهِ
وَأَرَى الحَـيـاةَ لَذِيـذَةً بِحَيـاتِـهِ
وَأَرَى الوُجُـودَ مُشَرَّفـاً بِوُجُـودِهِ
هَـاجَـرْتُ نَحْـوَ مُحمَّـدٍ لَمَّـا
رَأَيْتُ العَالَمَ العُلْـوِيَّ فِـي تَأْييـدِهِ
وَثَنيـتُ أَعْنَـاقَ القَوافِـي نَحْـوَهُ
وَنَظَمْتُ دُرَّ مَدائِحِـي فِـي جِيـدِهِ
وَنَظَـرْتُ نُـورَ جَـلاَلِـهِ وَوَردْتُ
بَحْرَ نَوالِهِ وَلَبِسْتُ وشـيَ بُـرُودِهِ
وَمَلأْتُ عَيْنِي مِـنْ مَحَاسِنِـه الَّتِـي
مَلأَتْ عُيُـونَ عَـدُوِّهِ وَحَسُـودِهِ
وَجَلَسْتُ بَيْنَ يَـدَيْ أَجـلِّ زَمانِـهِ
قَـدْراً وَواحِـدِ عَصْـرِهِ وفَريـدِهِ
وَأَفَدْتُ سَمْعِي مِنْ فُكَاهَـةِ مُمْتِـع
الألفَاظ مَقْبُـولِ الكَـلام مُفِيـدِهِ
فَصَدَرْتُ عَنْ صَدَقاتِ مَشْكُورِ النَّدَى
وَالجُودِ مَشْكـورِ الفِعَـالِ حَمِيـدِهِ
فَلَوَ اَنَّنِي خُيِّرتُ منْ دَهـري المُنَـى
لاخْتَرْتُ طُـولَ بَقَائِـهِ وَخُلُـودِهِ
يا آلَ أَيُّـوبٍ جَـزَيْتُـمْ صَالِحـاً
عَنْ مُحْسِنٍ مَدحَ المُلُـوكِ مُجيـدِهِ
وَنعمْتُمُ ما افْتَرّ عَنْ ثَغْـرِ الضُّحَـى
صُبْحٌ وَما فَضَحَ الدُّجَـى بِعَمُـودِهِ
يا أَيُّها المَلِكُ الَّـذي حَـازَ العُلَـى
فَثَنَى عِنانَ الفِكْـرِ عَـنْ تَحْدِيـدِهِ
أَمَّـا الزَّمـانُ فَأَنْـتَ دُرَّةُ عِقْـدِهِ
وَسِنَـانُ صُعْدَتِـهِ وَبَيـتُ قَصِيـدِهِ
والشِّعْرُ أَنْـتَ أَحَـقُّ مَـنْ يَهْتَـزُّ
عِنْدَ سَماعِهِ وَيَمِيـلُ عِنْـدَ نَشيـدِهِ
فَاسْلَمْ لِمُلْكٍ بَلْ لِمَجْدٍ أَنْـتَ فِـي
تَأْسِـيـسِـهِ وَاللهُ فِـي تَأْيِـيـدِهِ
===========
وَالدَّهْرُ لِلْمَنْصـورِ بَعْـضُ عَبِيـدِهِ
مَـلِكٌ نَـدَاهُ فَكَّنِـي وَانْتَـاشَنِـي
مِنْ مِخْلَبيْـهِ وَمِـنْ أَسَـارِ قُيُـودِهِ
مَلِكٌ إِذَا حَدَّثْـتَ عَـنْ إِحْسَانِـهِ
حَدَّثْتَ عَنْ مُبْدِي النَّـدَى ومُعِيـدِهِ
سَـادَ المُلُـوكَ بِفَضْلِـهِ وَبِنَفْسِـهِ
وَالغُـرَّ مِـنْ آبـائِـهِ وَجُـدُودِهِ
وَإذا تَـرَنَّمَـتِ الـرُّواةُ بِمَدْحِـهِ
وَثَنائِهِ اهْتَـزَّتْ مَعَاطِـفُ جُـودِهِ
لأَبِـي المَعَـالِـي رَاحَـةٌ وَكَّافَـةٌ
كَالغَيْـثِ يَـوْمَ برُوقِـهِ وَرُعُـودِهِ
صَـبٌّ بِتَحْصِيـلِ الثَّنَـاءِ وَجَمْعِـهِ
كَلِـفٌ بِبَـذْلِ المـالِ أَوْ تَبْديـدِهِ
مـا زَالَ يَشْمُـلُ حَاسِديـهِ نَوالُـهُ
حَتَّى أَقـرَّ بِـهِ لِسـانُ حَسْـودِهِ
سَلْ عَفْوَهُ وحُسَامُـهُ فِـي غِمْـدِهِ
وحَذَارِ ثُمَّ حَـذَارِ مِـنْ تَجْرِيـدِهِ
يَغْشَـى الوَغَـى مُتَلفِّعـاً بِرِدَائِـهِ
وَيَخُـوضُهَـا مُتَسَرْبِـلاً بِحَدِيـدِهِ
فَتَرى الشُّجَاعَ يَفِـرُّ مِنْـهُ مَهابـةً
وَالـمَوْتُ بَيْـنَ لُهَاتِـهِ وَوَريـدِهِ
يَتَقَهْقَـرُ الجَيْـشُ اللهـامُ مَخَافَـةً
مِنْـهُ إِذَا وَافَـى أَمـامَ جُـنُـودِهِ
وَتعـودُ مُخْفَقـةَ الرَّجَـاءِ عِدَاتُـهُ
وقُلـوبُهَـا خَـفَّـاقـةٌ كَبنُـودِهِ
فِي مَعْرَكٍ إِنْ كُسِّـرت فيـهِ القَنـا
وَصَلَ الحُسَـامُ رُكُوعَـهُ بِسُجـودِهِ
جَـارَى الغَمَـامَ فَفاتَـهُ بِنَـوالِـهِ
كَرمـاً وَفـاقَ كَثيـرَهُ بِـزَهيـدِهِ
وَالـدِّيـنُ أَثَّلَـهُ وَشَـادَ مَـنـارَهُ
حِينَ اعْتَنَـى بِحُقُوقِـهِ وَحُـدُودِهِ
وَالمُلْكُ لَـمْ يَنْفَـكّ يُعْمِـلُ عَزْمَـهُ
فِي نَصْرِ ظَاهِـرِهِ ونُصْـحِ سَعِيـدِهِ
إِنَّ المَنَـايَـا وَالأَمانِـي لَـمْ تَـزَلْ
طَوْعـاً لِسابِـقِ وَعْـدِهِ وَوَعِيـدِهِ
وَأَرَى الحَـيـاةَ لَذِيـذَةً بِحَيـاتِـهِ
وَأَرَى الوُجُـودَ مُشَرَّفـاً بِوُجُـودِهِ
هَـاجَـرْتُ نَحْـوَ مُحمَّـدٍ لَمَّـا
رَأَيْتُ العَالَمَ العُلْـوِيَّ فِـي تَأْييـدِهِ
وَثَنيـتُ أَعْنَـاقَ القَوافِـي نَحْـوَهُ
وَنَظَمْتُ دُرَّ مَدائِحِـي فِـي جِيـدِهِ
وَنَظَـرْتُ نُـورَ جَـلاَلِـهِ وَوَردْتُ
بَحْرَ نَوالِهِ وَلَبِسْتُ وشـيَ بُـرُودِهِ
وَمَلأْتُ عَيْنِي مِـنْ مَحَاسِنِـه الَّتِـي
مَلأَتْ عُيُـونَ عَـدُوِّهِ وَحَسُـودِهِ
وَجَلَسْتُ بَيْنَ يَـدَيْ أَجـلِّ زَمانِـهِ
قَـدْراً وَواحِـدِ عَصْـرِهِ وفَريـدِهِ
وَأَفَدْتُ سَمْعِي مِنْ فُكَاهَـةِ مُمْتِـع
الألفَاظ مَقْبُـولِ الكَـلام مُفِيـدِهِ
فَصَدَرْتُ عَنْ صَدَقاتِ مَشْكُورِ النَّدَى
وَالجُودِ مَشْكـورِ الفِعَـالِ حَمِيـدِهِ
فَلَوَ اَنَّنِي خُيِّرتُ منْ دَهـري المُنَـى
لاخْتَرْتُ طُـولَ بَقَائِـهِ وَخُلُـودِهِ
يا آلَ أَيُّـوبٍ جَـزَيْتُـمْ صَالِحـاً
عَنْ مُحْسِنٍ مَدحَ المُلُـوكِ مُجيـدِهِ
وَنعمْتُمُ ما افْتَرّ عَنْ ثَغْـرِ الضُّحَـى
صُبْحٌ وَما فَضَحَ الدُّجَـى بِعَمُـودِهِ
يا أَيُّها المَلِكُ الَّـذي حَـازَ العُلَـى
فَثَنَى عِنانَ الفِكْـرِ عَـنْ تَحْدِيـدِهِ
أَمَّـا الزَّمـانُ فَأَنْـتَ دُرَّةُ عِقْـدِهِ
وَسِنَـانُ صُعْدَتِـهِ وَبَيـتُ قَصِيـدِهِ
والشِّعْرُ أَنْـتَ أَحَـقُّ مَـنْ يَهْتَـزُّ
عِنْدَ سَماعِهِ وَيَمِيـلُ عِنْـدَ نَشيـدِهِ
فَاسْلَمْ لِمُلْكٍ بَلْ لِمَجْدٍ أَنْـتَ فِـي
تَأْسِـيـسِـهِ وَاللهُ فِـي تَأْيِـيـدِهِ
===========